يختلط مفهوم الرفاهية في الذهنية العامة، ويتأرجح بين المفهوم الشعبي الذي يشير إلى المتع الحسية كاللهو والمرح، وبين الرفاهية التي أصبحت ثقافة تحمل مضامين ومؤشرات عامة، وتصدر لها تقارير سنوية من بعض المؤسسات والمنظمات الدولية، بعد أن أضحى تحقيق الرفاهية للمواطنين محوراً أساسياً في السياسات الدولية، ويحتل مرتبة متقدمة على أجندة صناع القرار السياسي. وتشير الدراسات إلى وجود علاقة وثيقة بين ارتفاع دخل الأسرة وتحقيق معدلات أعلى من الرفاه الاجتماعي، وأن مؤشرات السعادة تتوقف عند خط معين من تحقيق قدر كاف من الدخل الشهري، كما أن امتلاك المنزل يعتبر رأس الحربة في مؤشرات هذه السعادة كونه يقتطع نسبة قد تصل إلى 40% من دخل الأسرة التي لا تمتلك هذا المنزل. ويعتبر مؤشر الرضا الاجتماعي هو أحد المؤشرات الفرعية لمكون مؤشر الرفاهية، وهو ما يختلف من شعب إلى آخر لأسباب قد لا تتعلق بالدخل المالي أو عوامل الرفاهية المتعارف عليها فقط، وإنما لأسباب اجتماعية تغذيها ثقافة خلفية عما إذا كانت جودة الحياة مقبولة وإلى أي مدى يكمن هذا القبول في نفوس الناس؟ ورغم أن الرفاه تشكله عوامل مادية بالدرجة الأولى إلا أن الجانب النفسي لدى مجتمعاتنا العربية له تأثير كبير لا تأخذه هذه الدراسات بعين الاعتبار لأنه غير موجود في ثقافات هذه الشعوب التي تصدر عنها هذه المؤشرات، وبالتالي فإن النقد بدأ ينصب على هذه التقارير التي لا تأخذ بالحسبان العوامل الثقافية لدى الشعوب عند قياس مستويات الرفاهية بين الدول، وأنه لا يمكن الاحتكام لمؤشر ثابت أو الارتكاز عليه في قياس مستوى الرفاهية عند المواطنين.